واعلم أن هذا الإله العظيم المعلوم لدى كلّ خلقه المسبح بكل لسان "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ" أهل مكة ومن حولها لأنهم لا يقرءون ولا يكتبون ولا يحسبون "رَسُولًا مِنْهُمْ" أمّيّا مثلهم ومن جنسهم فجعله "يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ" التي أنزلها عليه لإرشادهم ونصحهم، وهذه معجزة دالة على تصديقه كافية عن كلّ معجزة "وَيُزَكِّيهِمْ" بذلك من دنس الشرك ودون الكفر ووسخ العصيان "وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ" الذي أمره اللّه بتلاوته عليهم ليعرفوا معالم دينهم وما يرمي إليه "وَالْحِكْمَةَ" يعلمها لهم أيضا وهي الفقه فيه ليفطنوا لمراميه ويعلموا مغازيه ويتفهموا تعاليمه الحكيمة التي ترفع شأنهم بين الأمم وتعلى كلمتهم عليهم وتهديهم إلى طرق النّجاح والفلاح "وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ" بعثته إليهم "لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (٢) ظاهر وهم مائلون عن الحق وطرقه لا يميزون بين الحلال والحرام، غافلون عما شرعه اللّه لأمم الأنبياء يدينون بما تسول لهم أنفسهم يتبعون شهواتهم في ذلك، تراهم عاكفين على عبادة الأوثان مع علمهم بأنها لا تضر ولا تنفع، مائلين إلى هوى أنفسهم، لا يدينون بدين، ولا يعرفون رب العالمين.
واعلم أن هذه التي بصدر هذه الجملة مخففة من الثقيلة واسمها محذوف (أي أنهم)
مطلب الفرق بين إن النّافية والمخففة ومما يدل على عموم رسالته صلّى اللّه عليه وسلم والفرق بين لم ولما :


الصفحة التالية
Icon