قال الفراء : وفيها ثلاث لغات التخفيف، وهي قراءة الأعمش والتثقيل، وهي قراءة العامة، ولغة لبني عقيل، وقوله تعالى :﴿فاسعوا إلى ذِكْرِ الله﴾ أي فامضوا، وقيل : فامشوا وعلى هذا معنى، السعي : المشي لا العدو، وقال الفراء : المضي والسعي والذهاب في معنى واحد، وعن عمر أنه سمع رجلاً يقرأ :﴿فاسعوا﴾ قال من أقرأك هذا، قال : أبي، قال : لا يزال يقرأ بالمنسوخ، لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي، وقيل : المراد بالسعي القصد دون العدو، والسعي التصرف في كل عمل، ومنه قوله تعالى :﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي﴾ قال الحسن : والله ما هو سعي على الأقدام ولكنه سعي بالقلوب، وسعي بالنية، وسعي بالرغبة، ونحو هذا، والسعي ههنا هو العمل عند قوم، وهو مذهب مالك والشافعي، إذ السعي في كتاب الله العمل، قال تعالى :﴿وَإِذَا تولى سعى فِي الأرض﴾ [ البقرة : ٢٠٥ ] ﴿وَأَنْ سَعْيَكُمْ لشتى﴾ [ الليل : ٤ ] أي العمل، وروي عنه ﷺ :" إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وعليكم السكينة " واتفق الفقهاء على :"أن النبي ﷺ ( كان ) متى أتى الجمعة أتى على هينة" وقوله :﴿إلى ذِكْرِ الله﴾ الذكر هو الخطبة عند الأكثر من أهل التفسير، وقيل : هو الصلاة، وأما الأحكام المتعلقة بهذه الآية فإنها تعرف من الكتب الفقهية، وقوله تعالى :﴿وَذَرُواْ البيع﴾ قال الحسن : إذا أذن المؤذن يوم الجمعة لم يحل الشراء والبيع، وقال عطاء : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء، وقال الفراء إنما حرم البيع والشراء إذا نودي للصلاة لمكان الاجتماع ولندرك له كافة الحسنات، وقوله تعالى :﴿ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ أي في الآخرة ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ما هو خير لكم وأصلح، وقوله تعالى :﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة﴾ أي إذا صليتم الفريضة يوم الجمعة ﴿فانتشروا فِي الأرض﴾ هذا صيغة الأمر بمعنى الإباحة لما


الصفحة التالية
Icon