والوقف على ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ الواقع مفعولاً ثانياً ليحسبون وهو وقف تام كما في الكواشي، وعليه كلام الواحدي، وقوله تعالى :﴿ هُمُ العدو ﴾ استئناف أي هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادي العدو المداجى الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوى ككثير من أبناء الزمان ﴿ فاحذرهم ﴾ لكونهم أعدى الأعادي ولا تغترن بظاهرهم، وجوز الزمخشري كون ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ صلة ﴿ صَيْحَةٍ ﴾ و﴿ هُمُ العدو ﴾ والمفعول الثاني ليحسبون كما لو طرح الضمير على معنى أنهم يحسبون الصيحة نفس العدو، وكان الظاهر عليه هو أو هي العدو لكنه أتى بضمير العقلاء المجموع لمراعاة معنى الخبر أعني العدو بناءاً على أنه يكون جمعاً ومفرداً وهو هنا جمع، وفيه أنه تخريج متكلف بعيد جداً لا حاجة إليه وإن كان المعنى عليه لا يخلو عن بلاغة ولطف، ومع ذلك لا بساعد عليه ترتب ﴿ فاحذرهم ﴾ لأن التحذير منهم يقتضي وصفهم بالعداوة لا بالجبن ﴿ قاتلهم الله ﴾ أي لعنهم وطردهم فإن القتل قصارى شدائد الدنيا وفظائعها، وكذلك الطرد عن رحمة الله تعالى والبعد عن جنابه الأقدس منتهى عذابه عز وجل وغاية نكاله جل وعلا في الدنيا والآخرة، والكلام دعاء وطلب من ذاته سبحانه أن يلعنهم ويطردهم من رحمته تعالى، وهو من أسلوب التجريد فلا يكون من إقامة الظاهر مقام الضمير لأنه يفوت به نضارة الكلام، أو تعليم للمؤمنين أن يدعو عليهم بذلك فهو على معنى قولوا : قاتلهم الله، وجوز أن لا يكونوا من الطلب في شيء بأن يكون المراد أن وقوع اللعن بهم مقرر لا بد منه، وذكر بعضهم أن قاتله الله كلمة ذم وتوبيخ، وتستعملها العرب في موضع التعجب من غير قصد إلى لعن، والمشهور تعقيبها بالتعجب نحو قاتله الله ما أشعره، وكذا قوله سبحانه هنا :﴿ قاتلهم الله ﴾.


الصفحة التالية
Icon