أخبر الله تعالى بشنيع مقالتهم فقال :﴿هُمُ الذين يَقُولُونَ﴾ كذا وكذا :﴿وينفضوا﴾ أي يتفرقوا، وقرىء :﴿يَنفَضُّواْ﴾ من أنفض القوم إذا فنيت أزوادهم، قال المفسرون : اقتتل أجير عمر مع أجير عبد الله بن أبي في بعض الغزوات فأسمع أجير عمر عبد الله بن أبي المكروه واشتد عليه لسانه، فغضب عبد الله وعنده رهط من قومه فقال : أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ﷺ ثم أقبل على قومه فقال : لو أمسكتم النفقة عن هؤلاء يعني المهاجرين لأوشكوا أن يتحولوا عن دياركم وبلادكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد فنزلت، وقرىء :﴿لَيُخْرِجَنَّ﴾ بفتح الياء، وقرأ الحسن وابن أبي عيلة :﴿لَنَخْرُجَنَّ﴾ بالنون ونصب الأعز والأذل، وقوله تعالى :﴿وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السموات والأرض﴾ قال مقاتل : يعني مفاتيح الرزق والمطر والنبات، والمعنى أن الله هو الرزاق :﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء والأرض﴾ [ يونس : ٣١ ] وقال أهل المعاني : خزائن الله تعالى مقدوراته لأن فيها كل ما يشاء مما يريد إخراجه، وقال الجنيد : خزائن الله تعالى في السموات الغيوب وفي الأرض القلوب وهو علام الغيوب ومقلب القلوب، وقوله تعالى :﴿ولكن المنافقين لاَ يَفْقَهُونَ﴾ أي لا يفقهون أن :﴿أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [ ياس : ٨٢ ] وقوله يقولون :﴿لَئِن رَّجَعْنَا﴾ أي من تلك الغزوة وهي غزوة بني المصطلق إلى المدينة فرد الله تعالى عليه وقال :﴿وَلِلَّهِ العزة﴾ أي الغلبة والقوة ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين وعزهم بنصرته إياهم وإظهار دينهم على سائر الأديان واعلم رسوله بذلك ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك ولو علموه ما قالوا : مقالتهم هذه، قال صاحب "الكشاف" :﴿وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وهم الأخصاء بذلك كما