وقرأ سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب :" خَشَب " بفتح الخاء والشين، وذلك كله جمع خشبة بفتح الخاء والشين، فالقراءتان أولاً كما تقول : بُدْنة وبَدْن وبُدْن : قاله سيبويه، والأخيرة على الباب في تمرة وتمر.
وكان عبد الله بن أبي من أبهى المنافقين وأطولهم، ويدل على ذلك أنه لم يوجد قميص يكسو العباس غير قميصه، وقد تقدم في سورة البقرة تحرير أمر المنافقين وكيف سترهم الإسلام.
وقوله تعالى :﴿ يحسبون كل صيحة عليهم ﴾، فضح أيضاً لما كانوا يسرونه من الخوف، وذلك أنهم كانوا يتوقعون أن يأمر النبي ﷺ عن الله بقتلهم، وقال مقاتل : فكانوا متى سمعوا نشدان ضالة أو صياحاً بأي وجه كان أو أخبروا بنزول وحي طارت عقولهم حتى يسكن ذلك. ويكون في غير شأنهم، وجرى هذا اللفظ مثلاً في الخائف، ونحو قول الشاعر [ بشار بن برد العقيلي ] :[ الوافر ]
يروّعه السرار بكل أرض... مخافة أن يكون به السرار
وقول جرير :[ الكامل ]
ما زلت تحسب كل شيء بعدهم... خيلاً تكر عليهمُ ورجالا
ثم أخبر تعالى بأنهم ﴿ العدو ﴾ وحذر منهم، و﴿ العدو ﴾ يقع للواحد والجمع، وقوله تعالى :﴿ قاتلهم الله ﴾ دعاء يتضمن الإقصاء والمنابذة، وتمني الشر لهم، وقوله تعالى :﴿ أنى يؤفكون ﴾ معناه : كيف يصرفون، ويحتمل أن يكون ﴿ أنى ﴾ استفهاماً، كأنه قال كيف يصرفون أو لأي سبب لا يرون أنفسهم، ويحتمل أن يكون :﴿ أنى ﴾ ظرفاً ل ﴿ قاتلهم ﴾ كأنه قال ﴿ قاتلهم الله ﴾، كيف انصرفوا أو صرفوا، فلا يكون في القول استفهام على هذا.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥)