قرأ الجمهور :﴿ أيمانهم ﴾ بفتح الهمزة، وقرأ الحسن بكسرها، وقد تقدّم تفسير هذا في سورة المجادلة، ﴿ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي : منعوا الناس عن الإيمان والجهاد، وأعمال الطاعة بسبب ما يصدر منهم من التشكيك والقدح في النبوّة.
هذا معنى الصدّ الذي بمعنى الصرف، ويجوز أن يكون من الصدود، أي : أعرضوا عن الدخول في سبيل الله وإقامة أحكامه ﴿ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ من النفاق والصدّ، وفي ساء معنى التعجب، والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما تقدّم ذكره من الكذب، والصدّ، وقبح الأعمال، وهو مبتدأ، وخبره :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ﴾ أي : بسبب أنهم آمنوا في الظاهر نفاقاً ﴿ ثُمَّ كَفَرُواْ ﴾ في الباطن، أو أظهروا الإيمان للمؤمنين، وأظهروا الكفر للكافرين، وهذا صريح في كفر المنافقين، وقيل : نزلت الآية في قوم آمنوا ثم ارتدّوا، والأوّل أولى، كما يفيده السياق.
﴿ فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ ﴾ أي : ختم عليها بسبب كفرهم.
قرأ الجمهور :﴿ فطبع ﴾ على البناء للمفعول، والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور بعده، وقرأ زيد بن عليّ على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود إلى الله سبحانه، ويدل على هذا قراءة الأعمش :( فطبع الله على قلوبهم ).
﴿ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ﴾ ما فيه من صلاحهم ورشادهم، وهو الإيمان.
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم ﴾ أي : هيئاتهم ومناظرهم، يعني : أن لهم أجساماً تعجب من يراها لما فيها من النضارة والرونق ﴿ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ فتحسب أن قولهم حقّ وصدق لفصاحتهم، وذلاقة ألسنتهم، وقد كان عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين فصيحاً جسيماً جميلاً، وكان يحضر مجلس النبيّ ﷺ، فإذا قال سمع النبيّ ﷺ مقالته.