أي لا يشغَلْكُم الاهتمامُ بتدبيرِ أمورِهَا والاعتناءُ بمصالحِهَا والتمتعُ بها عن الاشتغالِ بذكرِهِ عزَّ وجلَّ من الصلاةِ وسائرِ العباداتِ المذكّرةِ للمعبودِ والمرادُ نهيهُم عنِ التَّلهّي بهَا، وتوجيهُ النهيِ إليهَا للمبالغةِ كما في قولِهِ تعالَى :﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ ﴾ الخ ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك ﴾ أي التَّلهي بالدُّنيا منَ الدينِ ﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون ﴾ أي الكاملونَ في الخسرانِ حيثُ باعُوا العظيمَ الباقِي بالحقيرِ الفانِي ﴿ وَأَنفِقُواْ مِمَّا رزقناكم ﴾ أي بعضَ ما أعطينَاكُم تفضلاً منْ غيرِ أنْ يكونَ حصولُهُ من جهتِكُم ادخاراً للآخرةِ ﴿ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الموت ﴾ بأنْ يشاهدَ دلائلَهُ ويعاينَ أماراتِهِ ومخايلَهُ، وتقديمُ المفعولِ على الفاعلِ لما مرَّ مراراً من الاهتمامِ بما قُدِّمَ والتشويقِ إلى ما أُخِّر ﴿ فَيَقُولُ ﴾ عند تيقنِه بحلولِهِ ﴿ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى ﴾ أي أمهلتَنِي ﴿ إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾ أي أمدٍ قصيرٍ ﴿ فَأَصَّدَّقَ ﴾ بالنصبِ على جوابِ التمنِي وقُرِىءَ فأتصدقَ ﴿ وَأَكُن مّنَ الصالحين ﴾ بالجزمِ عطفاً على محلِّ فأصدقَ كأنه قيلَ إنْ أخرتنِي أصدقْ وأكنْ وقُرِىءَ وأكونَ بالنصبِ عطفاً على لفظِهِ وقُرِىءَ وأكونُ بالرفعِ أي وأنَا أكونَ، عِدة منه بالصلاحِ ﴿ وَلَن يُؤَخّرَ الله نَفْساً ﴾ أي ولَنْ يُمهلَهَا ﴿ إِذَا جَاء أَجَلُهَا ﴾ أي آخرُ عُمرِهَا أو انتهى إنْ أُريدَ بالأجلِ الزمانُ الممتدُ من أولِ العمرِ إلى آخرِهِ ﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ فمجازيكُم عليهِ إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شراً فشرٌّ فسارَعُوا في الخيراتِ واستعدُّوا لما هُو آتٍ وقُرِىءَ يعملُونَ بالياءِ التحتانيةِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon