وقال الفراء :
سورة ( المنافقون )
﴿ إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾
قوله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ...﴾.
يقول القائل: قد شهدوا للنبى صلى الله عليه، فقالوا: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ فكيف كذَّبهم الله؟.
يقال: إنما أكذبَ ضميرهم ؛ لأنهم أضمروا النفاق، فكما لم يَقبل إيمانهم وقد أظهروه، فكذلك جعلهم كاذبين ؛ لأنهم أضمروا غير ما أظهروا.
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ...﴾.
من العرب من يجزم بإذا، فيقول: إذا تقم أقمْ، أنشدنى بعضهم:
وإذا نطاوِعْ أمرَ سادتِنا * لا يَثْنِنا جُبن ولا بُخْلُ
وقال آخر:
واستغْنِ ما أغناك ربُّك بالغِنى * وإذا تُصبْك خصاصةٌ فتجمَّل
وأكثر الكلام فيها الرفع ؛ لأنها تكون فى مذهب الصفة، ألا ترى أنك تقول:
الرُّطب إذا اشتد الحر، تريد فى ذلك الوقت. فلما كانت فى موضع صفة كانت صلة للفعل الذى يكون قبلها، أو بعد الذى يليها، كذلك قال الشاعر:
وإذا تكون شديدةٌ أُدْعَى لها * وإذا يحاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُندُبُ
وقوله: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ...﴾.
خفف الأعمش، وثقل إسماعيل بن جعفر المدنى عن أصحابه وعاصم، فمن ثقل فكأنه جمع خشبة خِشابا، ثم جمعه [/ب] فثقل، كما قال: ثمار وثُمُرٌ. وإن شئت جمعته، وهو خشبة على خُشُب، فخففت وثقلت، كما قالوا: البدَنة، والبُدُن والبُدْن، والأَكُم والأَُكُم.