وروى البخاري ومسلم عن زيد بن أرقم قال خرجنا مع رسول اللّه في صفر أصاب النّاس فيه شدة، فقال عبد اللّه بن سلول لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا من حوله، وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأزل، قال فأتيت رسول اللّه فأخبرته بذلك، فأرسل إليه فسأله فاجتهد يمنه ما فعل، فقالوا كذب زيد رسول اللّه، قال فوقع في نفسي مما قالوه شدة
حتى أنزل اللّه بتصديقي (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) ثم قال دعاهم رسول اللّه ليستغفر لهم، قال فلووا رؤوسهم، قال أصحاب السّير جاء عبد اللّه رضي اللّه عنه بن عبد اللّه بن أبي بن سلول فقال لحضرة الرّسول إن كنت تريد قتله يا رسول اللّه فدعني آت لك برأسه، لأن النّاس تعلم أني أبرّ النّاس به، فإن قتله غيري يا رسول اللّه يصعب علي ما تلوكه بعد ألسنة النّاس، وأنا ما أنا عليه من البر بالوالدين والغيرة على السّمعة، لذلك يا سيدي أحشى أن لا تدعي نفسي أنظر إلى قاتله غيرة منها وخشية من تقول النّاس، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النّار، فقال له صلّى اللّه عليه وسلم بل لترفق به وتحسن صحبته ما كان معنا، وقال أسيد بن حضير يا رسول اللّه ارفق به فوالله لقد جاء اللّه بك وقومه يعملون له التاج كي يتوجوه، وأنه يرى أنك سلبته ملكه قال أصحاب السّير ولما قرب عبد الله بن أبي من المدينة وأراد أن يدخلها جاءه ابنه عبد الله رضي اللّه عنه وأرضاه وقال له وراءك، قال ويلك مالك، قال واللّه لا تدخلها أبدا إلّا أن يأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، ولتعلمن اليوم من الأعز من الأزل فشكاه إلى رسول اللّه، فأرسل إليه أن خلّ عنه، فقال إذا جاء أمر الرّسول فقم فدخل المدينة.
وقيل قالوا اذهب إلى رسول اللّه يستغفر لك، فقال أمرتموني أن آمن فآمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت، فما بقي إلّا أن أسجد لمحمد، فأنزل اللّه هذه السّورة.