وهذه الآية من تتمة ما نزل في المنافقين لأن المؤمن لا يسأل الرّجعة عند حلول الموت، ولأن ما بعده خير له مما قبله، وهو يحب لقاء اللّه واللّه يحب لقاءه، فلا يغتر بالدنيا ولا بطول العمر والتمتع بالعافية والرّفاه فيمنع الزكاة ويسوف بالتوبة ويصر على المعاصي كالكافر والمنافق، بل يتوب ويتصدق وهو صحيح صحيح،
ولهذا قد ردّ اللّه على المنافق قوله وتمنيه بقوله عز قوله "وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها" أبدا لما ثبت باللوح هكذا ولا يقدم ولا يؤخر عن وقته المقدر له "وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ" (١١) بالدنيا لو ردّكم إليها لاستمريتم على أفعالكم القبيحة وحرصكم على المال وتقاعسكم عن فعل الخير كما كنتم واكثر، قال تعالى (لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) الآية ٢٧ من الأنعام ج ٢ وهذه الآية عامة في كلّ من هذا شأنه، ونزولها في المنافقين لا يمنع شمولها لغيرهم ولا يخصصها فيهم، لأن العبرة لعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب فنسأل اللّه العفو والعافية والتوفيق إلى أقوم طريقها وأقول :
إليك بسطت الكف في فحمة الدّجى نداء غريق في الذنوب غريق
رجاك ضميري كي تخلص حجتي وكم من فريق شافع لفريق
فاشفع يا رسول اللّه بعبدك الجامع لهذا.
ويا رب وفقه لإكماله وانفع به عبادك،
واجعله خالصا لوجهك الكريم، إنك على كلّ شيء قدير، وبالإجابة جدير.
هذا واللّه أعلم.
وأستغفر اللّه.
ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدّين، ومن تبعهم بإحسان آمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٦ صـ ١٩٥ ـ ٢٠١﴾