وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِذَا جَآءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله ﴾
روى البخاريّ " عن زيد بن أَرْقم قال : كنت مع عَمّي فسمعت عبد الله بن أُبَيّ بن سلول يقول :﴿ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ ﴾.
وقال :﴿ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل ﴾ فذكرت ذلك لعمّي فذكر عمي لرسول الله ﷺ ؛ فأرسل رسول الله ﷺ إلى عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا ؛ فصدّقهم رسول الله ﷺ وكَذّبني.
فأصابني همّ لم يصبني مثله، فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل :﴿ إِذَا جَآءَكَ المنافقون ﴾ إلى قوله ﴿ هُمُ الذين يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله ﴾ إلى قوله ﴿ لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل ﴾ فأرسل إليّ رسول الله ﷺ، ثم قال :"إن الله قد صدقك" " خرّجه الترمذيّ قال : هذا حديث حسن صحيح.
وفي الترمذي عن زيد بن أَرقم قال : غَزَوْنَا مع رسول الله ﷺ وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا ( إليه ) فيسبق الأعرابيّ أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة، ويجعل النِّطْع عليه حتى تجيء أصحابه.
قال : فأتى رجل من الأنصار أعرابياً فأرْخَى زمام ناقته لتشرب فأبَى أن يَدَعَه، فانتزع حجراً فغاض الماء ؛ فرفع الأعرابيّ خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشَجّه، فأتى عبدَ الله بن أبَيّ رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبَيّ ثم قال : لا تُنْفِقُوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله يعني الأعراب وكانوا يحضرون رسول الله ﷺ عند الطعام ؛ فقال عبد الله : إذا انفضوا من عند محمد فأتوا محمداً بالطعام، فليأكل هو ومن عنده.


الصفحة التالية
Icon