﴿ اتخذوا أيمانهم ﴾ أي الكاذبة على ما يشير إليه الإضافة ﴿ جَنَّةُ ﴾ أي وقاية عما يتوجه إليهم من المؤاخذة بالقتل أو السبي أو غير ذلك قال قتادة : كلما ظهر على شيء منهم يوجب مؤاخذتهم حلفوا كاذبين عصمة لأموالهم ودمائهم، وهذا كلام مستقل تعداداً لقبائحهم وأنهم من عادتهم الاستجنان بالأيمان الكاذبة كما استجنوا بالشهادة الكاذبة، ويجوز أن يراد بأيمانهم شهادتهم السابقة ؛ والشهادة.
وأفعال العلم واليقين أجرتها العرب مجرى القسم ؛ وتلقتها بما يتلقى القسم، ويؤكد بها الكلام كما يؤكد به، فلهذا يطلق عليها اليمين، وبهذا استشهد أبو حنيفة على أن أشهد يمين، واعترضه ابن المنير بأن غاية ما في الآية أنه سمي يميناً، والكلام في وجوب الكفارة بذلك لا في إطلاق الاسم، وليس كل ما يسمى يميناً تجب فيه الكفارة، فلو قال : أحلف على كذا لا تجب عليه الكفارة وإن كان حلفاً، والجمع باعتبار تعدد القائلين، والكلام على هذا استئناف يدل على فائدة قولهم ذلك عندهم مع الذم البالغ بما عقبه، وقيل : إن ﴿ اتخذوا ﴾ جواب ﴿ إِذَا ﴾ وجملة ﴿ قَالُواْ ﴾ [ المنافقون : ١ ] السابقة في موضع الحال بتقدير قد أو بدونه وهو خلاف الظاهر، وأبعد منه جعل الجملة حالا وتقدير جواب لا ذا وقال الضحاك : أي اتخذوا حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة عن القتل.
أو السبي.
أو نحوهما مما يعامل به الكفار.
ومن هنا أخذ الشاعر قوله
: وما انتسبوا إلى الإسلام إلا...
لصون دمائهم أن لا تسالا
وعن السدى أنهم اتخذوا ذلك جنة من ترك الصلاة عليهم إذا ماتوا، وهو كما ترى وكذا ما قبله.


الصفحة التالية
Icon