والمقصود من قوله :﴿ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ إعلام النبي ﷺ وإعلام المسلمين بطائفة مبهمة شأنهم النفاق ليتوسموهم ويختبروا أحوالهم وقد يتلقى النبي ﷺ بطريق الوحْي تعيينهم أو تعيين بعضهم.
و﴿ المنافقون ﴾ جمع منافق وهو الذي يظهر الإِيمان ويُسر الكفر وقد مضى القول فيه مفصلاً في سورة آل عمران.
وجملة ﴿ إنك لرسول الله ﴾ بيان لجملة ﴿ نشهد ﴾.
وجملة ﴿ والله يعلم إنك لرسوله ﴾ معترضة بين الجملتين المتعاطفتين وهذا الاعتراض لدفع إيهام من يسمع جملة ﴿ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ أنه تكذيب لجملة ﴿ إنك لرسول الله ﴾ فإن المسلمين كانوا يومئذٍ محفوفين بفئام من المنافقين مبثوثين بينهم هجّيراهم فتنة المسلمين فكان المقام مقتضياً دفع الإِيهام وهذا من الاحتراس.
وعُلق فعل ﴿ يعلم ﴾ عن العمل لوجود ( إنّ ) في أول الجملة وقد عدوا ( إنَّ ) التي في خبرها لاَم ابتداء من المعلقات لأفعال القلب عن العَمل بناء على أن لام الابتداء هي في الحقيقة لام جواب القسم وأن حقها أن تقع قبل ( إنَّ ) ولكنها زُحْلقت في الكلام كراهية اجتماع مؤكَّدين متصلين، وأُخذ ذلك من كلام سيبويه.
وجملة ﴿ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ عطف على جملة ﴿ قالوا نشهد ﴾.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لتقوّي الحكم.
وجيء بفعل ﴿ يشهد ﴾ في الإِخبار عن تكذيب الله تعالى إياهم للمشاكلة حتى يكون إبطال خبرهم مساوياً لإِخبارهم.
والكذب : مُخالفة ما يفيدهُ الخبرُ للواقع في الخارج، أي الوُجود فمعنى كون المنافقين كاذبون هنا أنهم كاذبون في إخبارهم عن أنفسهم بأنهم يشهدون بأن محمداً ﷺ رسول الله لأن خبرهم ذلك مخالف لما في أنفسهم فهم لا يشهدون به ولا يوافق قولُهم ما في نفوسهم.