والتصوير : التخطيط والتشكيل.
قرأ الجمهور :﴿ فأحسن صوركم ﴾ بضمّ الصاد، وقرأ زيد بن عليّ، والأعمش، وأبو زيد بكسرها ﴿ وَإِلَيْهِ المصير ﴾ في الدار الآخرة، لا إلى غيره ﴿ يَعْلَمُ مَا فِى السموات والأرض ﴾ لا تخفى عليه من ذلك خافية ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ أي : ما تخفونه وما تظهرونه، والتصريح به مع اندراجه فيما قبله لمزيد التأكيد في الوعد والوعيد ﴿ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ هذه الجملة مقرّرة لما قبلها من شمول علمه لكل معلوم، وهي تذييلية.
﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُاْ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ ﴾ وهم كفار الأمم الماضية كقوم نوح، وعاد، وثمود، والخطاب لكفار العرب ﴿ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ ﴾ بسبب كفرهم، والوبال : الثقل والشدّة، والمراد : بأمرهم هنا : ما وقع منهم من الكفر والمعاصي، وبالوبال ما أصيبوا به من عذاب الدنيا ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ وذلك في الآخرة، وهو عذاب النار ؛ والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما ذكر من العذاب في الدارين، وهو مبتدأ، وخبره ﴿ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات ﴾ أي : بسبب أنها كانت تأتيهم الرسل المرسلة إليهم بالمعجزات الظاهرة ﴿ فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ﴾ أي : قال كل قوم منهم لرسولهم هذا القول منكرين أن يكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك، وأراد بالبشر الجنس، ولهذا قال :﴿ يهدوننا ﴾.
﴿ فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ ﴾ أي : كفروا بالرسل وبما جاءوا به، وأعرضوا عنهم ولم يتدبروا فيما جاءوا به، وقيل : كفروا بهذا القول الذي قالوه للرسل ﴿ واستغنى الله ﴾ عن إيمانهم وعبادتهم.
وقال مقاتل : استغنى الله بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه من المعجزات، وقيل : استغنى بسلطانه عن طاعة عباده ﴿ والله غَنِىٌّ حَمِيدٌ ﴾ أي : غير محتاج إلى العالم ولا إلى عبادتهم له، محمود من كل مخلوقاته بلسان المقال والحال.