وتقدم في قوله :﴿ وقلن حاش لله ما هذا بشراً ﴾ في سورة [ يوسف : ٣١ ] وفي سورة [ مريم : ١٧ ] عند قوله :﴿ فتمثل لها بشراً سوياً ﴾
وتنكير بشر } للنوعية لأن محط الإِنكار على كونهم يَهدونهم، هو نوعُ البشرية.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لقصد تقوّي حكم الإِنكار، وما قالوا ذلك حتى اعتقدوه فلذلك أقدموا على الكفر برسلهم إذ قد اعتقدوا استحالة إرسال الله إياهم فجزموا بكذبهم في دعوى الرسالة فلذلك فرع عليه ﴿ فكفروا وتولوا ﴾.
والتولي أصله : الانصراف عن المكان الذي أنت فيه، وهو هنا مستعار للإِعراض عن قبول دعوة رسلهم، وتقدم عند قوله تعالى :﴿ ثم توليتم من بعد ذلك ﴾ في سورة [ البقرة : ٦٤ ].
واستغنى } غَنِيَ فالسين والتاء للمبالغة كقوله :﴿ أما من استغنى ﴾ [ عبس : ٥ ].
والمعنى : غَنِي الله عن إيمانهم قال تعالى :﴿ إن تكفروا فإن الله غني عنكم ﴾ [ الزمر : ٧ ].
والواو واو الحال، أي والحال أن الله غني عنهم من زمن مضى فإن غنى الله عن إيمانهم مقرر في الأزل.
ويجوز أن يراد : واستغنى الله عن إعادة دعوتهم لأن فيما أظهر لهم من البينات على أيدي رسلهم ما هو كاف لحصول التصديق بدعوة رسلهم لولا المكابرة فلذلك عجّل لهم بالعذاب.
وعلى الوجهين فمتعلق ﴿ استغنى ﴾ محذوف دل عليه قوله :﴿ فكفروا ﴾ وقوله :﴿ بالبينات ﴾ والتقدير : واستغنى الله عن إيمانهم.
وجملة ﴿ والله غني حميد ﴾ تذييل، أي غني عن كل شيء فيما طلب منهم، حميد لمن امتثل وشكر. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon