ولما كان التقدير : والله محاسبكم على ما قابلتم به إنعامه عليكم بذلك من إيمان وكفران، عطف عليه مرغباً مرهباً قوله :﴿والله﴾ أي المحيط علماً وقدرة، وقدم الجار لما تقدم غير مرة من مزيد التأكيد فقال :﴿بما تعملون﴾ أي توقعون عمله في وقت من الأوقات ﴿خبير﴾ أي بالغ العلم بباطنه وظاهره.
ولما أخبر بالبعث وأقسم عليه، وأشار إلى دليلة السابق، وسبب عنه ما ينجي في يومه، ذكر يومه وما يكون فيه ليحذر فقال متبعاً ما مضى من دعائم الإيمان دعامة اليوم الآخر واعظاً لمن يقول : يا ليت شعري ما حالي بعد ترحالي؟ وقامعاً لمن يقول : لا حال بعد الترحال، بالإعلام بأنها أحوال أي أحوال، تشيب الأطفال، وتقصم ظهور الرجال، بل تهد شم الجبال :﴿يوم﴾ أي تبعثون في يوم ﴿يجمعكم﴾ أي أيها الثقلان.
ولما كان الوقت المؤرخ به فعل من الأفعال إنما يذكر لأجل ما وقع فيه، صار كأنه علة لذلك الفعل فقال تعالى :﴿ليوم الجمع﴾ لأجل ما يقع في ذلك اليوم الذي يجمع فيه أهل السماوات وأهل الأرض من الحساب والجزاء الذي يكون فوزاً لناس فيكونون غابنين، ويكون خيبة لناس فيكونون مغبونين، وكل منهم يطلب أن يكون غابناً.


الصفحة التالية
Icon