أهل الكفر، فلا غبن أبين من هذا، وفي الجملة فالغبن في البيع والشراء وقد ذكر تعالى في حق الكافرين أنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة واشتروا الضلالة بالهدى، ثم ذكر أنهم ما ربحت تجارتهم ودل المؤمنين على تجارة رابحة، فقال :﴿هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة﴾ [ الصف : ١٠ ] الآية، وذكر أنهم باعوا أنفسهم بالجنة فخسرت صفقة الكفار وربحت صفقة المؤمنين، وقوله تعالى :﴿وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صالحا﴾ يؤمن بالله على ما جاءت به الرسل من الحشر والنشر والجنة والنار وغير ذلك، ويعمل صالحاً أي يعمل في إيمانه صالحاً إلى أن يموت، قرىء يجمعكم ويكفر ويدخل بالياء والنون، وقوله :﴿والذين كَفَرُواْ﴾ أي بوحدانية الله تعالى وبقدرته ﴿وَكَذَّبُواْ بئاياتنا﴾ أي بآياته الدالة على البعث ﴿أولئك أصحاب النار خالدين فِيهَا وَبِئْسَ المصير﴾ ثم في الآية مباحث :
الأول : قال :﴿فآمنوا بالله رسوله﴾ بطريق الإضافة، ولم يقل : ونوره الذي أنزلنا بطريق الإضافة مع أن النور ههنا هو القرآن والقرآن كلامه ومضاف إليه ؟ نقول : الألف واللام في النور بمعنى الإضافة كأنه قال : ورسوله ونوره الذي أنزلنا.
الثاني : بم انتصب الظرف ؟ نقول : قال الزجاج : بقوله :﴿لَتُبْعَثُنَّ﴾ وفي "الكشاف" بقوله :﴿لَتُنَبَّؤُنَّ﴾ أو بخبير لما فيه من معنى الوعيد.
كأنه قيل : والله معاقبكم يوم يجمعكم أو بإضمار اذكر.
الثالث : قال تعالى في الإيمان :﴿وَمَن يُؤْمِن بالله﴾ بلفظ المستقبل، وفي الكفر وقال :﴿والذين كَفَرُواْ﴾ بلفظ الماضي، فنقول : تقدير الكلام : ومن يؤمن بالله من الذين كفروا وكذبوا بآياتنا يدخله جنات ومن لم يؤمن منهم أولئك أصحاب النار.
الرابع : قال تعالى :﴿وَمَن يُؤْمِن﴾ بلفظ الواحد و ﴿خالدين فِيهَا﴾ بلفظ الجمع، نقول : ذلك بحسب اللفظ، وهذا بحسب المعنى.


الصفحة التالية
Icon