وقد يخبر عن هذا التبادل بالوراثة كما بيناه في ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ [ المؤمنون : ١ ] والله أعلم.
وقد يقع التغابن في غير ذلك اليوم على ما يأتي بيانه بعدُ ؛ ولكنه أراد التغابن الذين لا جبران لنهايته.
وقال الحسن وقتادة : بلغنا أن التغابن في ثلاثة أصناف : رجل علم عِلماً فعلّمه وضيّعه هو ولم يعمل به فشَقِي به، وعَمِل به من تعلمه منه فَنَجا به.
ورجل اكتسب مالاً من وجوه يُسأل عنها وشحّ عليه، وفرّط في طاعة ربه بسببه، ولم يعمل فيه خيراً، وتركه لوارث لا حساب عليه فيه ؛ فعمل ذلك الوارث فيه بطاعة ربّه.
ورجل كان له عبد فعمل العبد بطاعة ربِّه فسعد، وعمل السيّد بمعصية ربّه فشقي.
وروي عن النبيّ ﷺ أنه قال :" إن الله تعالى يقيم الرجل والمرأة يوم القيامة بين يديه فيقول الله تعالى لهما قُولاَ فما أنتما بقائلين فيقول الرجل يا ربّ أوجبت نفقتها عليّ فتعسّفتُها من حلال وحرام وهؤلاء الخصوم يطلبون ذلك ولم يبق لي ما أوفي به فتقول المرأة يا ربِّ وما عسى أن أقول اكتسبه حراما وأكلته حلالاً وعصاك في مَرْضاتي ولم أرض له بذلك فَبُعْداً له وسُحْقاً فيقول الله تعالى قد صدقتِ فيؤمر به إلى النار ويؤمر بها إلى الجنة فتطلع عليه من طبقات الجنة وتقول له غَبَنَّاك غَبَنّاك سعدنا بما شقيت أنت به " فذلك يوم التغابن.
الثالثة : قال ابن العربيّ : استدل علماؤنا بقوله تعالى :﴿ ذَلِكَ يَوْمُ التغابن ﴾ على أنه لا يجوز الغَبْن في المعاملة الدُّنْيَوِية ؛ لأن الله تعالى خصّص التغابن بيوم القيامة فقال :﴿ ذَلِكَ يَوْمُ التغابن ﴾ وهذا الاختصاص يُفيد أنه لا غَبْن في الدنيا ؛ فكل من اطلع على غَبْن في مَبيع فإنه مردود إذا زاد على الثلث.


الصفحة التالية
Icon