وأخبر عنه بـ ﴿ يسير ﴾ دون أن يقال : وَاقِع كما قال :﴿ وإن الدين لواقع ﴾ [ الذاريات : ٦ ]، لأن الكلام لردّ إحالتهم البعث بعلة أن أجزاء الجسد تفرقت فيتعذر جمعها فذكِّروا بأن العسير في متعارف الناس لا يعسر على الله وقد قال في الآية الأخرى ﴿ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ﴾ [ الروم : ٢٧ ].
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨)
من جملة القول المأمور رسول الله ﷺ بأن يقوله.
والفاء فصيحة تفصح عن شرط مقدّر، والتقدير : فإذا علمتم هذه الحجج وتذكّرتم ما حلّ بنظرائكم من العقاب وما ستَنبّؤونَ به من أعمالكم فآمنوا بالله ورسوله والقرآن، أي بنصه.
والمراد بالنور الذي أنْزَل الله، القرآن، وُصف بأنه نور على طريقة الاستعارة لأنه أشبه النور في إيضاح المطلوب باستقامة حجته وبلاغة كلامه قال تعالى :﴿ وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً ﴾ [ النساء : ١٧٤ ].
وأشبه النور في الإِرشاد إلى السلوك القويم وفي هذا الشبه الثاني تشاركه الكتب السماوية، قال تعالى :﴿ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ﴾ [ المائدة : ٤٤ ]، وقرينة الاستعارة قوله :﴿ الذي أنزلنا ﴾، لأنه من مناسبات المشبَّه لاشتهار القرآن بين الناس كلهم بالألقاب المشتقة من الإِنزال والتنزيل عَرَف ذلك المسلمون والمعاندون.
وهو إنزال مجازي أريد به تبليغ مراد الله إلى الرسول ﷺ وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ﴾ في سورة البقرة ( ٤ ) وفي آيات كثيرة.