آمن به وصدق رسله ثم ذكر نوعا آخر من سفههم الذي كانوا عليه، فقال "زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا" بعد موتهم في الدّنيا فأنكروه ولم يصدقوا الرّسل بإخبارهم بالبعث يوم القيامة تبعا لعقيدتهم الجاهلية، إذ كان آباؤهم ينكرون ذلك ويجحدون الحساب والعقاب والثواب "قُلْ" لهؤلاء الحمقى يا سيد الرّسل "بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ" من قبوركم
يوم القيامة يوم يقوم النّاس لرب العالمين مخلوقين خلقا ثانيا من أجزائهم لمتفتتة، ويعودون كما كانوا عليه في الدّنيا "ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ" في ذلك اليوم "بِما عَمِلْتُمْ" في دنياكم وتعلمون جهلكم بالخلق الأوّل أدى لجهلكم بالخلق الثاني "وَذلِكَ" البعث بعد الموت والإنباء بما كان منكم وعليكم في الدّنيا "عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" ٧ سهل
هين لا كلفة فيه، وكما أن خلقكم أول مرة بمجرد قول كن فكذلك تكون إعادتكم، وهي كلمة جزئية لا صعوبة فيها لو أنها تصدر من الخلق فكيف إذا صدرت من الخالق بلا صوت ولا حرف "فَآمِنُوا بِاللَّهِ" الذي خلقكم أيها النّاس ثم أماتكم بأنه يحييكم ثانيا "وَرَسُولِهِ" الذي أرسله لهدايتكم آمنوا أيضا "وَالنُّورِ" أي الكتاب "الَّذِي أَنْزَلْنا" عليه كما أنزلنا على من قبله من الأنبياء آمنوا أيضا، إذ لا يكفي الإيمان باللّه دون الإيمان برسوله وكتابه، كما لا يكفي الإيمان بالكتاب والرّسول دون الإيمان بمنزل الكتب ومرسل الرّسل "وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (٨) لا يغرب عنه مثقال ذرة في السّموات ولا في الأرض، واحذروا أيها النّاس "يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ" هو يوم القيامة إذ يجمع فيه الأولون والآخرون من أهل السّماء والأرض.
مطلب يوم التغابن في الآخرة وفتنة الأموال والأولاد في الدّنيا والأمر بالتقوى حسب الاستطاعة وذم البخل وفضل الصّدقة :