" فصل "
قال السيوطى :
سورة التغابن
أقول: لما وقع في آخر سورة المنافقون: (وأَنفِقوا ممّا رَزقناكُم مِن قبلِ أَن يأَتي أَحدكُم الموت) عقب بسورة التغابن، لأنه قيل في معناه: إن الإنسان يأتي يوم القيامة، وقد جمع مالاً، ولم يعمل فيه خيراً، فأخذه وارثه بسهولة، من غير مشقة في جمعه، فأنفقه في وجوه الخير، فالجامع محاسب معذب مع تعبه في جمعه، والوارث منعَّم مثاب، مع سهولة وصوله إليه وذلك هو التغابن فارتباطه بآخر السورة المذكورة في غاية الوضوح ولهذا قال هنا: (وأَنفِقوا خيراً لأَنفُسَكُم ومَن يوقَ شُحَ نَفسِهِ فأولَئكَ هُم المُفلِحون) وأيضاً ففي آخر تلك: (لا تُلهِكُم أَموالِكُم وَلا أَولادكُم عَن ذكرِ اللَهِ) وفي هذه: (إِنَّما أَموالكُم وأَولادكم فتنة) وهذه الجمة كالتعليل لتلك الجملة، ولذا ذكرت على ترتيبها وقال بعضهم: لما كانت سورة المنافقون رأس ثلاث وستين سورة، أشير فيها إلى وفاة النبي ﷺ بقوله: (ولَن يؤخِر اللَهُ نفساً إِذا جاءَ أَجَلُها) فانه مات على رأس ثلاث وستين سنة، وعقبها بالتغابن، ليظهر التغابن في فقده صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿أسرار ترتيب القرآن صـ ١٣٩ ـ ١٤٠﴾