قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنه تعالى خلق بني آدم مؤمناً وكافراً، ثم يعيدهم يوم القيامة كما خلقهم مؤمناً وكافراً، وقال عطاء : إنه يريد فمنكم مصدق، ومنكم جاحد، وقال الضحاك : مؤمن في العلانية كافر في السر كالمنافق، وكافر في العلانية مؤمن في السر كعمار بن ياسر، قال الله تعالى :﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان﴾ [ النحل : ١٠٦ ] وقال الزجاج : فمنكم كافر بأنه تعالى خلقه، وهو من أهل الطبائع والدهرية، ومنكم مؤمن بأنه تعالى خلقه كما قال :﴿قُتِلَ الإنسان مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيّ شَيْء خَلَقَهُ﴾ [ عبس : ١٧، ١٨ ] وقال :﴿أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ﴾ [ الكهف : ٣٧ ] وقال أبو إسحاق : خلقكم في بطون أمهاتكم كفاراً ومؤمنين، وجاء في بعض التفاسير أن يحي خلق في بطن أمه مؤمناً وفرعون خلق في بطن أمه كافراً، دل عليه قوله تعالى :﴿إِنَّ الله يُبَشّرُكَ بيحيى مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ الله﴾ وقوله تعالى :﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي عالم بكفركم وإيمانكم اللذين من أعمالكم، والمعنى أنه تعالى تفضل عليكم بأصل النعم التي هي الخلق فأنظروا النظر الصحيح وكونوا بأجمعكم عباداً شاكرين، فما فعلتم مع تمكنكم بل تفرقتم فرقاً فمنكم كافر ومنكم مؤمن وقوله تعالى :﴿خلق السموات والأرض بالحق﴾ أي بالإرادة القديمة على وفق الحكمة، ومنهم من قال : بالحق، أي للحق، وهو البعث، وقوله :﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ يحتمل وجهين أحدهما : أحسن أي أتقن وأحكم على وجه لا يوجد بذلك الوجه في الغير، وكيف يوجد وقد وجد في أنفسهم من القوى الدالة على وحدانية الله تعالى وربوبيته دلالة مخصوصة لحسن هذه الصورة وثانيهما : أن نصرف الحسن إلى حسن المنظر، فإن من نظر في قد الإنسان وقامته وبالنسبة بين أعضائه فقد علم أن صورته أحسن صورة وقوله تعالى :{وَإِلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon