وقال الآلوسى :

بسم الله الرحمن الرَّحيم

﴿ يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾
أي ينزهه سبحانه وتعالى جميع المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه سبحانه تسبيحاً مستمراً، وذلك بدلالتها على كمال عز وجل واستغنائه تعالى، والتجدد باعتبار تجدد النظر في وجوه الدلالة على ذلك ﴿ لَهُ الملك وَلَهُ الحمد ﴾ لا لغيره تعالى إذ هو جل شأنه المبدىء لكل شيء وهو القائم به والمهيمن عليه وهو عز وجل المولي لأصول النعم وفروعها وأما ملك غيره سبحانه فاسترعاء منه تعالى وتسليط، وأما حمد غيره تبارك وتعالى فلجريان إنعامه تعالى على يده فكلا الأمرين له تعالى في الحقيقة ولغيره بحسب الصورة، وتقديم ﴿ لَهُ الملك ﴾ لأنه كالدليل لما بعده ﴿ وَهُوَ على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ ﴾ لأن نسبة ذاته جل شأنه المقتضية للقدة إلى الكل سواء فلا يتصور كون بعض مقدوراً دون بعض، وقوله تعالى :
﴿ هُوَ الذى خَلَقَكُمْ ﴾ الخ بيان لبعض قدرته تعالى العامة، والمراد هو الذي أوجدكم كما شاء وقوله تعالى :
﴿ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ﴾ أي فبعضكم كافر به تعالى وبعضكم مؤمن به عز وجل، أو فبعض منكم كافر به سبحانه وبعض منكم مؤمن به تعالى تفصيل لما في ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ من الإجمال لأن كون بعضهم.
أو بعض منهم كافراً، وكون بعضهم.
أو بعض منهم مؤمناً مراد منه فالفاء مثلها في قوله تعالى :﴿ والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّن مَّاء فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على بَطْنِهِ ﴾ [ النور : ٤٥ ] الخ فيكون الكفر والايمان في ضمن الخلق وهو الذي تؤيده الأخبار الصحيحة كخبر البخاري.
ومسلم.
والترمذي.
وأبي داود عن ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات : يكتب رزقه.
وأجله.
وعمله.


الصفحة التالية
Icon