﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ حيث برأكم سبحانه في أحسن تقويم وأودع فيكم من القوى والمشاعر الظاهرة والباطنة ما نيط بها جميع الكمالات البارزة والكامنة وزينكم بصفوة صفات مصنوعاته وخصكم بخلاصة خصائص مبدعاته وجعلكم أنموذج جميع مخلوقاته في هذه النشأة، وقد ذكر بعض المحققين أن الإنسان جامع بين العالم العلوي والسفلي، وذلك لروحه التي هي من عالم المجردات وبدنه الذي هو من عالم الماديات وأنشدوا
: وتزعم أنك جرم صغير...
وفيك انطوى العالم الأكبر
ولعمري أن الإنسان أعجب نسخة في هذا العالم قد اشتملت على دقائق أسرار شهدت ببعضها الآثار وعلم ما علم منها ذوو الأبصار، وخص بعضهم الصورة بالشكل المدرك بالعين كما هو المعروف، وكل ما يشاهد من الصور الإنسانية حسن لكن الحسن كغيره من المعاني على طبقات ومراتب فلانحطاط بعضها عن مراتب ما فوقها انحطاطاً بيناً وإضافتها إلى الموفى عليها لا تستملح وإلا فهي داخلة في حيز الحسن غير خارجة من حده ؛ ألا ترى أنك قد تعجب بصورة وتستملحها ولا ترى الدنيا بها ثم ترى أملح وأعلى في مراتب الحسن فينبو عن الأولى طرفك وتستثقل النظر إليها بعد افتتانك بها وتهالكك عليها، وقالت الحكماء : شيآن لا غاية لهما : الجمال.
والبيان.
وقرأ زيد بن علي.
وأبو رزين ﴿ صُوَرَكُمْ ﴾ بكسر الصاد والقياس الضم كما في قراءة الجمهور.
﴿ وَإِلَيْهِ المصير ﴾ في النشأة الأخرى لا إلى غيره استقلالاً أو اشتراكاً فاصرفوا ما خلق لكم فيما خلق له لئلا يمسخ ما يشاهد من حسنكم بالعذاب. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon