فحصل من هذا التفنن في فواتح هذه السورة كلا المعنيين زيادة على ما بيناه من المناسبة الخاصة بسورة الجمعة، وما في هاته السورة من المناسبة بين تجدد التسبيح والأمر بالعفو عن ذوي القربى والأمر بالتقوى بقدر الاستطاعة والسمع والطاعة لكي لا يكتفي المؤمنون بحصول إيمانهم ليجتهدوا في تعزيزه بالأعمال الصالحة.
وإعادة ﴿ ما ﴾ الموصولة في قوله :﴿ وما في الأرض ﴾ لقصد التوكيد اللفظي.
وجملة ﴿ له الملك ﴾ استئناف واقع موقع التعليل والتسبب لمضمون يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض فإن ملابسة جميع الموجودات لدلائل تنزيه الله تعالى عن الشركاء وعن النقائص لا مقتضى لها إلا انفرادُه بتملكها وإيجادها وما فيها من الاحتياج إليه وتصرفه فيها تصرف المالك المتفرد في ملكه.
وفي هذه الجملة تنويه بإقبال أهل السماوات والأرض على تسبيح الله وتجديد ذلك التسبيح.
فتقديم المسند على المسند إليه لإِفادة تخصيصه بالمسند إليه، أي قصر تعلق لام الاستحقاق بالملك عليه تعالى فلا ملك لغيره وهو قصر ادعائي مبني على عدم الاعتداد بما لغير الله من ملك لنقصه وعدم خلوّه عن الحاجة إلى غيره من هو له بخلاف ملكه تعالى فهو الملك المطلق الداخل في سلطانه كل ذي ملك.
وجملة ﴿ وله الحمد ﴾ مضمونها سبب لتسبيح الله ما في السماوات وما في الأرض، إذ التسبيح من الحمد، فلا جرم أن كان حمد ذوي الإِدراك مختصاً به تعالى إذ هو الموصوف بالجميل الاختياري المطلق فهو الحقيق بالحمد والتسبيح.


الصفحة التالية
Icon