والمعنى لا تباشروا المعاصي بسبب الأولاد ولا تؤثروهم على ما عند الله من الأجر العظيم.
وقوله تعالى :﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾ قال مقاتل : أي ما أطقتم يجتهد المؤمن في تقوى الله ما استطاع، قال قتادة : نسخت هذه الآية قوله تعالى :﴿اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] ومنهم من طعن فيه وقال : لا يصح لأن قوله تعالى :﴿اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ لا يراد به الاتقاء فيما لا يستطيعون لأنه فوق الطاقة والاستطاعة، وقوله :﴿اسمعوا﴾ أي لله ولرسوله ولكتابه وقيل : لما أمركم الله ورسوله به ﴿وَأَطِيعُواْ﴾ الله فيما يأمركم ﴿وَأَنْفِقُواْ﴾ من أموالكم في حق الله خيراً لأنفسكم، والنصب بقوله :﴿وَأَنْفِقُواْ﴾ كأنه قيل : وقدموا خيراً لأنفسكم، وهو كقوله :
﴿فآمنوا خيراً لكم﴾ [ النساء : ١٧٠ ] وقوله تعالى :﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ الشح هو البخل، وإنه يعم المال وغيره، يقال : فلان شحيح بالمال وشحيح بالجاه وشحيح بالمعروف، وقيل : يوق ظلم نفسه فالشح هو الظلم، ومن كان بمعزل عن الشح فذلك من أهل الفلاح فإن قيل :﴿إِنَّمَا أموالكم وأولادكم فِتْنَةٌ﴾، يدل على أن الأموال والأولاد كلها من الأعداء و ﴿إِنَّ مِنْ أزواجكم وأولادكم عَدُوّاً لَّكُمْ﴾ يدل على أن بعضهم من الأعداء دون البعض، فنقول : هذا في حيز المنع فإنه لا يلزم أن يكون البعض من المجموع الذي مر ذكره من الأولاد يعني من الأولاد من يمنع ومنهم من لا يمنع، فيكون البعض منهم عدواً دون البعض.
إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧)


الصفحة التالية
Icon