وقال القرطبى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم ﴾ قال ابن عباس : نزلت هذه الآية بالمدينة في عَوْف بن مالك الأشْجَعِيّ ؛ شكا إلى النبيّ ﷺ جَفاء أهلِه وولدِه ؛ فنزلت.
ذكره النحاس.
وحكاه الطَّبَري عن عطاء بن يَسار قال : نزلت سورة "التغابن" كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ ﴾ نزلت في عَوْف بن مالك الأشْجَعِيّ كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغَزْو بَكَوْا إليه ورقَّقوه فقالوا : إلى مَن تدعنا؟ فَيرِقّ فيُقيم ؛ فنزلت :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ ﴾ الآية كلها بالمدينة في عَوْف بن مالك الأشجعي.
وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة.
وروى الترمذي : عن ابن عباس وسأله رجل عن هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم ﴾ قال : هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبيّ ﷺ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يَدعوهم أن يأتوا النبيّ ﷺ، فلما أتوا النبيّ ﷺ رأوُا الناس قد فَقُهُوا في الدِّين هَمُّوا أن يعاقبوهم ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم ﴾ الآية.
هذا حديث حسن صحيح.
الثانية : قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذا يبيّن وجه العداوة، فإن العدوّ لم يكن عدوًّا لذاته وإنما كان عدوًّا بفعله.


الصفحة التالية
Icon