من لطائف الإمام القشيرى فى السورة الكريمة
قال عليه الرحمة :
سورة التغابن
قوله جل ذكره :( بسم الله الرحمن الرحيم )
" بسم الله " كلمة عزيزة من ذكرها يحتاج إلى لسان عزيز في الغيبة لا يتبدل، وفي ذكر الأغيار لا يستعمل، ومن عرفها يحتاج إلى قلب عزيز ليس في كل ناحية منه خليط، ولا في كل زاوية زبيط.
قوله جل ذكره :﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرُ ﴾.
المخلوقاتُ كلُّها بجملتها لله سبحانه مُسَبِّحةٌ.. ولكن لا يَسْمَعُ تسبيحَها مَنْ به طَرَشُ النكرة.
ويقال : الذي طَرَأَ صَمَمُه فقد يُرْجَى زواله بنوعِ معالجة، أمَّا مَنْ يولَدُ أصَمَّ فلا حيلةَ في تحصيل سماعه. قال تعالى :﴿ فإنك لا تسمع الموتى ﴾ [ الروم : ٥٢ ] وقال تعالى :﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ].
قوله جل ذكره ﴿ هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
منكم كافرٌ في سابق حُكْمِه سَمَّاه كافراً، وعَلِمَ أنه يكفر وأراد به الكفر.. وكذلك كانوا. ومنكم مؤمنٌ في سابق حُكْمِه سمَّاه مؤمناً، وعِلِمَ في آزاله أنه يُؤمِن وخَلَقَه مؤمناً، وأراده مؤمناً... والله بما تعلمون بصير.
قوله جل ذكره :﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾.
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ َالأَرْضَ بِالْحِقِّ ﴾ : أي وهو مُحِقُّ في خَلْقِه.
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ لم يَقُلْ لشيءٍ من المخوقات هذا الذي قال لنا، صوَّر الظاهرَ وصوَّر الباطنَ ؛ فالظاهر شاهدٌ على كمال قدرته، والباطن شاهدٌ على جلال قربته.


الصفحة التالية
Icon