وكذب في تأويلها! بلى هي للنبيّ ﷺ أوّلاً ثم لأولي الأمر من بعده.
دليلهُ ﴿ وَأَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ ﴾ [ النساء : ٥٩ ].
الرابعة : قوله تعالى :﴿ وَأَنْفِقُواْ ﴾ قيل : هو الزكاة ؛ قاله ابن عباس.
وقيل : هو النفقة في النفْل.
وقال الضحاك : هو النفقة في الجهاد.
وقال الحسن : هو نفقة الرجل لنفسه.
قال ابن العربي : وإنما أوقع قائلَ هذا قوله :"لأَنفُسِكُم" وخفِيَ عليه أن نفقة النفل والفرض في الصدقة هي نفقة الرجل على نفسه ؛ قال الله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ].
وكل ما يفعله الرجل من خير فإنما هو لنفسه.
والصحيح أنها عامة.
" وروي عن النبيّ ﷺ أنه قال له رجل : عندي دينار؟ قال :"أنفقه على نفسك" قال : عندي آخر؟ قال :"أنفقه على عيالك" قال : عندي آخر؟ قال :"أنفقه على ولدك" قال : عندي آخر؟ قال :"تصدّق به" " فبدأ بالنفس والأهل والولد وجعل الصدقة بعد ذلك.
وهو الأصل في الشرع.
الخامسة : قوله تعالى :﴿ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ ﴾ "خَيْراً" نصب بفعل مضمر عند سيبويه ؛ دلّ عليه ﴿ وَأَنْفِقُواْ ﴾.
كأنه قال : ايتُوا في الإنفاق خيراً لأنفسكم، أو قدموا خيراً لأنفسكم من أموالكم.
وهو عند الكسائي والفَرّاء نعت لمصدر محذوف ؛ أي أنفقوا إنفاقاً خيراً لأنفسكم.
وهو عند أبي عبيدة خبر كان مضمرة ؛ أي يكن خيراً لكم.
ومن جعل الخير المال فهو منصوب ب "أنفقوا".
قوله تعالى :﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون ﴾ تقدم الكلام فيه.
وكذا ﴿ إِن تُقْرِضُواْ الله قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ ﴾ تقدم الكلام فيه أيضاً في "البقرة" وسورة "الحديد".
﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ تقدم معنى الشكر في "البقرة".
والحليم : الذي لا يَعْجَل.


الصفحة التالية
Icon