لأنهن غير مكلفات إرضاع أولادكم، وفي حالة التكليف لهن الاجرة المتعارفة عليكم "وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ" لايق بالمروءة، فعلى الأب أن لا يماكس بقلة الأجرة ويماطل بدفعها، وعلى الولي عند فقده أن يقوم مقامه، وعلى المرأة أن لا تعاسر بطلب أكثر من أجر المثل أو تمنع عن الإرضاع في حالة عدم قبول الولد ثدى غيرها حفظا لحق الولد "وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ" بأن أصر كلّ منكم على ما يريده ولم يتساهل أحد منكم فلم تتفقوا على قدر معلوم وكان الولد يقبل ثدى المرضعات "فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى " (٦) رفعا للنزاع والتشاحن، وإلّا فإن لم يقبل غير ثدي أمه فتجبر على إرضاعه بأجر المثل رضيت أم لم ترض كما بيناه في الآية الآنفة الذكر من سورة البقرة، لأن اللّه تعالى يقول "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ" على قدر حاله ونسبة أمثاله "وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ" وضيق كسبه ولم يكن له مال "فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ" بقدر ما يتمكن عليه لا على ما تطلبه المرضعة إذ "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها" الغني بحسب غناه، والمتوسط بمقتضى حاله، والفقير على ما تيسر له.
فإذا فعلتم هذا أيها النّاس ولم تتجاوزوا الحالة التي أنتم عليها فاعلموا أنه "سَيَجْعَلُ اللَّهُ" لكم "بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً" (٧) وهذا وعد من اللّه للفقير بالسعة إذا لم يتعد قدره فيه، وللمكروب بالفرج، إذا لم ييأس، أما إذا بذخ المتوسط واستدان وأفرط، وكذلك الفقير إذا فرط وتجاوز حده في النّفقة، فمصيرهما الهلاك لمخالفتهما قوله تعالى "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها" الآية الأخيرة من البقرة، فراجعها تقف على ما تريد في البحث.
مطلب الحكم الشّرعي في الإشهاد على أن الطّلاق والرّجعة بعد بيان أحوال المطلقات والآية الوحيدة الدّالة على أن الأرضين سبع كالسماوات :


الصفحة التالية
Icon