وقال ابن عطية :
﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ﴾
﴿ اللائي ﴾ : هو جمع ذات في ما حكى أبو عبيدة وهو ضعيف، والذي عليه الناس أنه : جمع التي، وقد يجيء جمعاً للذي، واليائسات من المحيض على مراتب، فيائسة هو أول يأسها، فهذه ترفع إلى السنة، ويبقيها الاحتياط على حكم من ليست بيائسة، لأنَّا لا ندري لعل الدم يعود، ويائسة قد انقطع عنها الدم لأنها طعنت في السن ثم طلقت، وقد مرت عادتها بانقطاع الدم، إلا أنها مما يخاف أن تحمل نادراً فهذه التي في الآية على أحد التأولين في قوله :﴿ إن ارتبتم ﴾ وهو قول من يجعل الارتياب بأمر الحمل وهو الأظهر، ويائسة قد هرمت حتى تتيقن أنها لا تحمل، فهذه ليست في الآية، لأنها لا يرتاب بحملها، لكنها في حكم الأشهر الثلاثة إجماعاً فيما علمت، وهي في الآية على تأويل من يرى قوله :﴿ إن ارتبتم ﴾، في حكم اليائسات، وذلك أنه روى إسماعيل بن أبي خالد أن قوماً منهم أبي بن كعب وخلاد بن النعمان لما سمعوا قول الله عز وجل :﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] قالوا يا رسول الله : فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر؟ فنزلت الآية، فقال قائل منهم : فما عدة الحامل؟ فنزلت :﴿ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ﴾، وقد تقدم ذكر الخلاف في تأويل :﴿ إن ارتبتم ﴾، ﴿ وأولات ﴾ جمع ذات، وأكثر أهل العلم على أن هذه الآية تعم الحوامل المطلقات والمعتدات من الوفاة والحجة حديث سبيعة الأسلمية قالت : كنت تحت سعد بن خولة فتوفي في حجة الوداع، ووضعت حملها قبل أربعة أشهر، فقال لها النبي ﷺ :" قد حللت " وأمرها أن تتزوج، وقال ابن مسعود : نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى، يعني أن قوله تعالى :﴿ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ﴾ نزلت بعد قوله تعالى ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ﴾ [ البقرة : ٢٣٤ ]، وقال ابن عباس وعلي بن أبي طالب : إنما هذه في المطلقات،