وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ ﴾.
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾ لما بين أمر الطلاق والرّجعة في التي تحيض، وكانوا قد عرفوا عِدّة ذوات الأقراء، عرفهم في هذه السورة عدّة التي لا ترى الدم.
وقال أبو عثمان عمر بن سالم : لما نزلت عدّة النساء في سورة "البقرة" في المطلقة والمتوفى عنها زوجها قال أبَّي بن كعب : يا رسول الله، إن ناساً يقولون قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن شيء : الصغار وذوات الحمل، فنزلت :﴿ واللائي يَئِسْنَ ﴾ الآية.
وقال مقاتَل : لما ذكر قوله تعالى :﴿ والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء ﴾ قال خَلاّد بن النعمان : يا رسول الله، فما عِدّة التي لم تَحِض، وعِدّة التي انقطع حَيْضُها، وعدّة الحبلى؟ فنزلت :﴿ واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾ يعني قَعدن عن المحيض.
وقيل : إن معاذ بن جَبل سأل عن عدّة الكبيرة التي يئست ؛ فنزلت الآية.
والله أعلم.
وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة لا تَدري دَمَ حَيْض هو أو دم عِلة.
الثانية : قوله تعالى :﴿ إِنِ ارتبتم ﴾ أي شككتم، وقيل تَيَقَّنتم.
وهو من الأضداد ؛ يكون شكّاً ويقيناً كالظنّ.
واختيار الطبري أن يكون المعنى : إن شككتم، فلم تدروا ما الحكم فيهنّ.
وقال الزجاج : إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها.
القشيريّ : وفي هذا نظر ؛ لأنّا إذا شككنا هل بلغت سِن اليأس لم نقل عدتها ثلاثة أشهر.
والمعتبر في سن اليأس في قول : أقصى عادة امرأة في العالم، وفي قولٍ : غالب نساء عشيرة المرأة.
وقال مجاهد : قوله ﴿ إِنِ ارتبتم ﴾ للمخاطبين ؛ يعني إن لم تعلموا كم عدّة اليائسة والتي لم تحض فالعِدّة هذه.