وقال صاحب "النظم" :﴿فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ صفة للطلاق كيف يكون، وهذه اللام تجيء لمعان مختلفة للإضافة وهي أصلها، ولبيان السبب والعلة كقوله تعالى :﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله﴾ [ الإنسان : ٩ ] وبمنزلة عند مثل قوله :﴿أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] أي عنده، وبمنزلة في مثل قوله تعالى :﴿هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن ديارهم لأَوَّلِ الحشر﴾ [ الحشر : ٢ ] وفي هذه الآية بهذا المعنى، لأن المعنى فطلقوهن في عدتهن، أي في الزمان الذي يصلح لعدتهن فقال صاحب "الكشاف" : فطلقوهن مستقبلات لعدتهن كقوله : أتيته لليلة بقيت من المحرم أي مستقبلاً لها، وفي قراءة النبي ﷺ :( من قبل عدتهن ) فإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم للقرء الأول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة العدة، المراد أن يطلقن في طهر لم يجامعن فيه، يخلين إلى أن تنقضي عدتهن، وهذا أحسن الطلاق وأدخله في السنة وأبعده من الندم ويدل عليه ما روي عن إبراهيم النخعي أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يستحبون أن لا يطلقوا أزواجهم للسنة إلا واحدة ثم لا يطلقوا غير ذلك حتى تنقضي العدة وكان أحسن عندهم من أن يطلق الرجل ثلاث تطليقات، وقال مالك بن أنس : لا أعرف طلاقاً إلا واحدة، وكان يكره الثلاث مجموعة كانت أو متفرقة، وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنما كرهوا ما زاد على الواحدة في طهر واحد، وروي أن النبي ﷺ قال لابن عمر حين طلق امرأته وهي حائض :" ما هكذا أمرك الله تعالى إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالاً وتطلقها لكل قرء تطليقة " وعند الشافعي لا بأس بإرسال الثلاث، وقال : لا أعرف في عدد الطلاق سنة ولا بدعة وهو مباح فمالك يراعى في طلاق السنة الواحدة والوقت، وأبو حنيفة يراعي التفريق والوقت، والشافعي يراعي الوقت وحده، وقوله تعالى :{وَأَحْصُواْ