الرابع : هل يكره أن تطلق المدخول بها واحدة بائنة ؟ نقول : اختلفت الرواية فيه عن أصحابنا، والظاهر الكراهة.
الخامس :﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النساء﴾ عام يتناول المدخول بهن، وغير المدخول بهن من ذوات الأقراء، والآيسات والصغار والحوامل، فكيف يصح تخصيصه بذوات الأقراء والمدخول بهن ؟ نقول : لا عموم ثمة ولا خصوص أيضاً، لكن النساء اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن، وفي بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك فلما قيل :﴿فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ علم أنه أطلق على بعضهن، وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض، كذا ذكره في "الكشاف".
ثم قال تعالى :﴿واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ﴾.
قوله :﴿اتقوا الله﴾ قال مقاتل : اخشوا الله فلا تعصوه فيما أمركم و ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ﴾ أي لا تخرجوا المعتدات من المساكن التي كنتم تساكنونهن فيها قبل الطلاق، فإن كانت المساكن عارية فارتجعت كان على الأزواج أن يعينوا مساكن أخرى بطريق الشراء، أو بطريق الكراء، أو بغير ذلك، وعلى الزوجات أيضاً أن لا يخرجن حقاً لله تعالى إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت ليلاً أو نهاراً كان ذلك الخروج حراماً، ولا تنقطع العدة.
وقوله تعالى :﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ قال ابن عباس : هو أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن، قال الضحاك الأكثرون : فالفاحشة على هذا القول هي الزنا، وقال ابن عمر : الفاحشة خروجهن قبل انقضاء العدة، قال السدي والباقون : الفاحشة المبينة هي العصيان المبين، وهو النشوز، وعن ابن عباس : إلا أن يبذون فيحل إخراجهن لبذائهن وسوء خلقهن، فيحل للأزواج إخراجهن من بيوتهن، وفي الآية مباحث :