ولما كانوا قوماً لم يتعودوا الصوم وكانت عناية الله محيطة بهم تشريفاً لرسولهم ﷺ قال مخيراً في أول الأمر :﴿وعلى الذين يطيقونه﴾ أي الصوم، من الطوق وهو ما يوضع في العنق حلية، فيكون ما يستطيعه من الأفعال طوقاً له في المعنى ﴿فدية طعام﴾ بالإضافة أو الفصل ﴿مسكين﴾ بالإفراد إرجاعاً إلى اليوم الواحد، وبالجمع إرجاعاً إلى مجموع الأيام لكل يوم طعام واحد، وهو مد وحفنتان بالكفين هما قوت الحافن غداء وعشاء كفافاً لا إقتاراً ولا إسرافاً، في جملته توسعة أمر الصوم على من لا يستطيعه ممن هو لغلبة حاجة طبعه إلى الغذاء بمنزلة المريض والمسافر فهو ممراض بالنهمة كأنها حال مرض جبل عليه الطبع، فكان في النظر إليه توفية رحمة النظر إلى المريض والمسافر إلا ما بين رتبتي الصنفين من كون هذا مطيقاً وذينك غير مطيق أو غير متمكن، وفي إعلامه بيان أن من لم يقدر على التماسك عن غذائه فحقه أن يغذو غيره ليقوم بذل الطعام عوضاً عن التماسك عن الطعام لمناسبة ما بين المعنيين لذلك ؛ ولم يذكر هنا مع الطعام عتق ولا صوم ﴿فمن تطوع خيراً﴾ أي فزاد في الفدية ﴿فهو خير له﴾ لأنه فعل ما يدل على حبه لربه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٣٩ ـ ٣٤٠﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية