وقالوا : إنَّما جاز الاقتصارعلى الثُّلث في الوصيَّة ؛ لأجل أن يدع ورثته أغنياء. أ هـ ﴿اللباب لابن عادل حـ ٢ صـ ٣١٩﴾
قوله تعالى﴿حَقًّا ﴾
قال القرطبيُّ : قوله تعالى " حَقًّا " أي : ثابتاً ثبوت نظرٍ، وتحصين، لا ثبوت فرضٍ ووجوبٍ ؛ بدليل قوله :" عَلَى المتقين " وهذا يدل على كونه مندوباً ؛ لأنه لوكان فرضاً، لكان على جميع المسلمين، فلما خصَّ الله تعالى المُتَّقِي، وهو من يخاف التَّقصير، دلَّ على أنه غير لازم لغيره. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٢٦٧﴾
بحث نفيس للعلامة الجصاص فى الآية الكريمة
قال رحمه الله :
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَمْ لَا ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ :" إنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، وَإِنَّمَا كَانَتْ نَدْبًا وَإِرْشَادًا ".
وَقَالَ آخَرُونَ :" قَدْ كَانَتْ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَتْ " عَلَى الِاخْتِلَافِ مِنْهُمْ فِي الْمَنْسُوخِ مِنْهَا، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ :" إنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً " بِأَنَّ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ وَفَحْوَاهَا دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ :﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ فَلَمَّا قِيلَ فِيهَا " بِالْمَعْرُوفِ " وَإِنَّهَا عَلَى الْمُتَّقِينَ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : قَوْلُهُ :" بِالْمَعْرُوفِ " لَا يَقْتَضِي الْإِيجَابَ، وَالْآخَرُ : قَوْلُهُ " عَلَى الْمُتَّقِينَ " وَلَيْسَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ، الثَّالِثُ : تَخْصِيصُهُ لِلْمُتَّقِينَ بِهَا وَالْوَاجِبَاتُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمُتَّقُونَ، وَغَيْرُهُمْ.