وقد اتفق علماء الإسلام على أن الوصية لا تكون لوارث لما رواه أصحاب " السنن" عن عمر بن خارجة وما رواه أبو داود والترمذي عن أبي أُمَامَة كلاهما يقول سمعت النبي قال :" إن الله أعطى كل ذي حق حقه أَلاَ لا وصية لوارث" وذلك في حجة الوداع، فخُص بذلك عمومُ الوالدين وعمومُ الأقربين وهذا التخصيص نسخ، لأنه وقع بعد العمل بالعام وهو وإن كان خبر آحاد فقد اعتُبر من قبيل المتواتر، لأنه سمعه الكافة وتلقاه علماء الأمة بالقبول.
والجمهور على أن الوصية بأكثر من الثلث باطلة للحديث المشهور عن سعد بن أبي وقاص أنه مرض فعاده النبي ﷺ فاستأذنه في أن يوصي بجميع ماله فمنعه إلى أن قال له " الثلثُ والثلثُ كثير إِنَّك أَنْ تَدَعَ ورثَتك أَغنياءَ خيرٌ من أَنْ تَدَعَهم عالةً يَتكفَّفُون الناسَ " وقال أبو حنيفة : إن لم يكن للموصي ورثة ولو عصبة دون بيت المال جاز للموصي أن يوصي بجميع ماله ومضَى ذلك أخذاً بالإيماء إلى العلة في قوله " إِنك أن تدع ورثَتك أغنياء خير " الخ. وقال : إن بيت المال جامعٌ لا عاصب وَرُوي أيضاً عن علي وابن عباس ومسروق وإسحاق بن راهويه، واختُلف في إمضائها للوارث إذا أجازها بقية الورثة ومذهب العلماء من أهل الأمصار أنها إذا أجازها الوارث مضت.
هذا وقد اتفق المسلمون على أن الله تعالى عين كيفية قسمة تركة الميت بآية المواريث، وأن آية الوصية المذكورة هنا صارت بعد ذلك غيرَ مراد منها ظاهرها، فالقائلون بأنها محكمة قالوا : بقيت الوصية لغير الوارث والوصيةُ للوارث بما زاد على نصيبه من الميراث فلا نسخ بين الآيتين.