كيفية الوصية التي كان السلف الصالح يكتبونها : هذا ما أوصي فلان بن فلان، أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. ﴿وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور﴾ وأوصى من ترك، من أهله بتقوى الله تبارك وتعالى حق تقاته، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، ويوصيهم بما أوصى به ﴿إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون﴾ رواه الدارقطني
أهـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٢﴾
فائدة أخرى
قال السعدى ـ رحمه الله ـ :
واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين، مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال : إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة، ردها الله تعالى إلى العرف الجاري.
ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث، بعد أن كان مجملا وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف، فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة، ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين، لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا، واختلف المورد.
فبهذا الجمع، يحصل الاتفاق، والجمع بين الآيات، لأنه مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ، الذي لم يدل عليه دليل صحيح. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ٨٥﴾
موعظة
اعلم أن الوصية مستحبة لحاجة الناس إليها فإن الإنسان مغرور بأمله أى يرجو الحياة مدة طويلة مقصر فى عمله فإذا عرض له المرض وخاف الهلاك يحتاج إلى تدارك تقصيره بماله على وجه لو مات فيه يتحقق مقصده المآلى ولو أنهضه البرء يصرفه إلى مطلبه الحالى
قال فى تفسير الشيخ ومن كان عليه حج أو كفارة أى شىء من الواجبات فالوصية واجبة وإلا فهو بالخيار وعليه الفتوى ويوصى بإرضاء خصمائه وديونه
حكى أن الإمام الشافعى رحمه الله لما مرض مرض موته قال : مروا فلانا يغسلنى فلما مات بلغ خبر موته إليه فحضر وقال : ائتونى بتذكرته فأتى بها فنظر فيها فإذا على الشافعى سبعون ألف درهم دينا فكتبها على نفسه وقضاها وقال هذا غسلى إياه وإياه أراد. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١ صـ ٣٥٨﴾


الصفحة التالية
Icon