لوجود الفاصل إفهاماً لقوة طلبه ﴿للوالدين﴾ بدأ بهما لشرفهما وعظم حقهما ﴿والأقربين بالمعروف﴾ أي العدل الذي يتعارفه الناس في التسوية والتفضيل. قال الحرالي : وكل ذلك في المحتضر، والمعروف ما تقبله الأنفس ولا تجد منه تكرهاً - انتهى. وأكد الوجوب بقوله :﴿حقاً﴾ وكذا قوله :﴿على المتقين *﴾ فهو إلهاب وتهييج وتذكير بما أمامه من القدوم على من يسأله على النقير والقطمير.
أهـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٣٥﴾
وقال الشيخ ابن عاشور
استئناف ابتدائي لبيان حكم المال بعد موت صاحبه، فإنه لم يسبق له تشريع ولم يفتتح بـ ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ لأن الوصية كانت معروفة قبل الإسلام فلم يكن شرعها إحداث شيء غير معروف، لذلك لا يحتاج فيها إلى مزيد تنبيه لتلقي الحكم، ومناسبة ذكره أنه تغيير لما كانوا عليه في أول الإسلام من بقايا عوائد الجاهلية في أموال الأموات فإنهم كانوا كثيراً ما يمنعون القريب من الإرث بتوهم أنه يتمنى موت قريبه ليرثه، وربما فضلوا بعض الأقارب على بعض، ولما كان هذا مما يفضي بهم إلى الإحن وبها تختل الحالة الاجتماعية بإلقاء العداوة بين الأقارب كما قال طَرَفة
:... وظُلْم ذوي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً
على المَرْءِ من وَقْع الحُسَاممِ المُهَنَّدِ... كان تغييرها إلى حال العَدل فيها من أهم مقاصد الإسلام كما بيَّنا تفصيله فيما تقدم في آية :﴿كتب عليكم القصاص في القتلى﴾ [البقرة : ١٧٨]. أما مناسبة ذكره عقب حكم القصاص فهو جريان ذكر موت القتيل وموت القاتل قصاصاً
أهـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٤٦﴾


الصفحة التالية
Icon