والظاهر أن قوله تعالى :﴿ أَعَدَّ ﴾ الخ عليه تكرير للوعيد أيضاً، وجوز أن يراد بالحساب الشديد استقصاء ذنوبهم وإثباتها في صحائف الحفظة، وبالعذاب النكر ما أصابهم عاجلاً، وتجعل جملة ﴿ عَتَتْ ﴾ الخ صفة لقرية، والماضي في ﴿ فحاسبناها وعذبناها ﴾ على الحقيقة، وخبر ﴿ كأين ﴾ جملة ﴿ أَعَدَّ الله ﴾ الخ، أو تجعل جملة ﴿ عَتَتْ ﴾ [ الطلاق : ٨ ] الخ هي الخبر، وجملة ﴿ أَعَدَّ الله ﴾ الخ استئناف لبيان أن عذابهم غير منحصر فيما ذكر بل لهم بعده عذاب شديد، وقوله تعالى :﴿ الذين ءامَنُواْ ﴾ منصوب باضمار أعني بياناً للمنادى السابق أو نعت له أو عطف بيان، وفي إبداله منه ضعف لعدم صحة حلوله محله ﴿ قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً ﴾ هو النبي ﷺ عبر به عنه لمواظبته عليه الصلاة والسلام على تلاوة القرآن الذي هو ذكر، أو تبليغه والتذكير به، وقوله تعالى :
﴿ رَسُولاً ﴾ بدلاً منه ؛ وعبر عن إرساله بالإنزال ترشيحاً للمجاز، أو لأن الإرسال مسبب عنه فيكون ﴿ أَنَزلَ ﴾ [ الطلاق : ١٠ ] مجازاً مرسلاً، وقال أبو حيان : الظاهر أن الذكر هو القرآن، والرسول هو محمد ﷺ فإما أن يجعل نفس الذكر مجازاً.
أو يكون بدلاً على حذف مضاف أي ذكر رسول، وقيل : هو نعت على حذف ذلك أي ذا رسول، وقيل : المضاف محذوف من الأول أي ذا ذكر ﴿ رَسُولاً ﴾ فيكون ﴿ رَسُولاً ﴾ نعتاً لذلك المحذوف أو بدلاً، وقيل :﴿ رَسُولاً ﴾ منصوب بمقدر مثل أرسل رسولاً دل عليه أنزل، ونحا إلى هذا السدي، واختاره ابن عطية، وقال الزجاج.
وأبو علي : يجوز أن يكون معمولاً للمصدر الذي هو ذكر كما في قوله تعالى :﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ﴾ [ البلد : ١٤، ١٥ ]، وقول الشاعر
: بضرب بالسيوف رؤوس قوم...
أزلنا هامهن عن المقيل


الصفحة التالية
Icon