قال القاضي أبو محمد : وأبين الأقوال عندي معنى أن يكون الذكر للقرآن والرسول محمد، والمعنى بعث رسولاً، لكن الإيجاز اقتضى اختصار الفعل الناصب للرسول ونحا هذا المنحى السدي، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر :" مبيَّنات " بفتح الياء، وقرأها بكسر الياء ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي والحسن والأعمش وعيسى، وسائر الآية بين، والرزق المشار إليه رزق الجنة لدوامه ودروره.
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
لا خلاف بين العلماء أن السموات سبع، لأن الله تعالى قال :﴿ سبعاً طباقاً ﴾ [ الملك : ٣، نوح : ١٥ ] وقد فسر رسول الله ﷺ أمرهن في حديث الإسراء، وقال لسعد :" حكمت بحكم الملك من فوق سبع أرقعة "، ونطقت بذلك الشريعة في غير ما موضع، وأما ﴿ الأرض ﴾ فالجمهور على أنها سبع أرضين، وهو ظاهر هذه الآية، وأن المماثلة إنما هي في العدد، ويستدل بقول رسول الله ﷺ :" من غصب شبراً من أرض طوقه من سبع أرضين "، إلى غير هذا مما وردت به روايات، وروي عن قوم من العلماء أنهم قالوا : الأرض واحدة، وهي مماثلة لكل سماء بانفرادها في ارتفاع جرمها، وقر أن فيها عالماً يعبد كما في كل سماء عالم يعبد، وقرأ الجمهور :" مثلَهن " بالنصب، وقرأ عاصم :" مثلُهن " برفع اللام، و﴿ الأمر ﴾ هنا الوحي وجميع ما يأمر به تعالى من يعقل ومن لا يعقل، فإن الرياح والسحاب وغير ذلك مأمور كلها، وباقي السورة وعظ، وحض على توحيد لله عز وجل، وقوله تعالى :﴿ على كل شيء قدير ﴾ عموم معناه الخصوص في المقدورات، وقوله ﴿ بكل شيء ﴾ عموم على إطلاقه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾