ومعنى صغت قلوبكما انحرفت وجدير بكما إصلاحها وإلا أصابكما ما يحبط عملكما ويعزلكما عن سائر الصالحين! ثم اتجه الخطاب إلى نساء النبى ينصحهن بالوعى والاعتدال وتقدير الأدب الرفيع الذى يعاملن به " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ". إن الشمائل الجميلة الحلوة لصاحب الرسالة لا يسوغ أن تكون سببا فى إزعاجه وإتعابه..! وبيت النبوة ليس مسرحا للغيرة والتحاسد وإنما هو صومعة عبادة ومجال إقبال على الآخرة، وتفان فى مرضاة الله. ولعل ما ختمت به السورة تلويح شديد القسوة لمن شاركن فى إغضاب الرسول وأثرن الحزن فى نفسه. إن امرأة نوح وامرأة لوط لم يساعدا رجالهما فى إبلاع الدعوة، بل كانتا عونا لأعداء الله وخصوم الوحى " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ". والخيانة المذكورة ليست فى الناحية الجنسية، فتلك غضاضة يأباها الله على عباده المرسلين، وإنما هى خيانة الدعوة والهدف الأسمى من الحياة.. كانت لسقراط امرأة سليطة تزدرى شخصه وتستهجن فلسفته وتنغص حياته! وكانت لنوح ولوط نسوة ينصرن أقاربهن ويخذلن أزواجهن ويكرهن الله ورسله!! فجعلهن الله مع الكفار فى مصير واحد "وقيل ادخلا النار مع الداخلين". والمسئولية الشخصية أساس الحساب فى الإسلام فلا يغنى والد عن ولد ولا زوج عن زوجة. وسيدخل فرعون النار وتفوز امرأته بالجنة لا يمسها من عمله شىء. وبين أوائل السورة وخواتيمها، طلب الله من أرباب الأمر أن يرقبوا بيوتهم ويجعلوها مهادا للنعيم المقيم وحجابا عن العذاب الشديد " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة... ". ثم بين جل شأنه أن الله لم يكلف الناس بالعصمة فلا يخطئوا أبدا، بل أمرهم إذا أخطئوا أن يثوبوا إلى رشدهم