وقال الشيخ سيد قطب :
التعريف بسورة التحريم
عندما جرى قدر الله أن يجعل الإسلام هو الرسالة الأخيرة ; وأن يجعل منهجه هو المنهاج الباقي إلى آخر الخليقة ; وأن تجري حياة المؤمنين به وفق الناموس الكوني العام ; وأن يكون هذا الدين هو الذي يقود حياة البشرية ويهيمن على نشاطها في كل ميدان..
عندما جرى قدر الله بهذا كله جعل الله هذا المنهج في هذه الصورة، شاملا كاملا متكاملا، يلبي كل طاقات البشر واستعداداتهم، في الوقت الذي يرفع هذه الطاقات وهذه الاستعدادات إلى الأفق اللائق بخليفة الله في الأرض، وبالكائن الذي كرمه الله على كثير من عباده، ونفخ فيه من روحه.
وجعل طبيعة هذا الدين الانطلاق بالحياة إلى الأمام: نموا وتكاثرا، ورفعة وتطهرا، في آن واحد. فلم يعطل طاقة بانية، ولم يكبت استعدادا نافعا. بل نشط الطاقات وأيقظ الاستعدادات وفي الوقت ذاته حافظ على توازن حركة الاندفاع إلى الأمام مع حركة الارتفاع إلى الأفق الكريم، الذي يهيئ الأرواح في الدنيا لمستوى نعيم الآخرة، ويعد المخلوق الفاني في الأرض للحياة الباقية في دار الخلود.