ولقد حفظ عنه أصحابه ( ﷺ ) ونقلوا للناس بعدهم - جزاهم الله خيرا - أدق تفصيلات هذه الحياة. فلم تبق صغيرة ولا كبيرة حتى في حياته اليومية العادية، لم تسجل ولم تنقل.. وكان هذا طرفا من قدر الله في تسجيل حياة هذا الرسول، أو تسجيل دقائق هذه العقيدة مطبقة في حياة الرسول. فكان هذا إلى جانب ما سجله القرآن الكريم من هذه الحياة السجل الباقي للبشرية إلى نهاية الحياة.
وهذه السورة تعرض في صدرها صفحة من الحياة البيتية لرسول الله ( ﷺ ) وصورة من الانفعالات والاستجابات الإنسانية بين بعض نسائه وبعض، وبينهن وبينه ! وانعكاس هذه الانفعالات والاستجابات في حياته ( ﷺ ) وفي حياة الجماعة المسلمة كذلك.. ثم في التوجيهات العامة للأمة على ضوء ما وقع في بيوت رسول الله وبين أزواجه.
والوقت الذي وقعت فيه الأحداث التي تشير إليها السورة ليس محددا. ولكن بالرجوع إلى الروايات التي جاءت عنه يتأكد أنه بعد زواج رسول الله ( ﷺ ) من زينب بنت جحش قطعا.
ولعله يحسن أن نذكر هنا ملخصا عن قصة أزواج النبي، وعن حياته البيتية يعين على تصور الحوادث والنصوص التي جاءت بصددها في هذه السورة. ونعتمد في هذا الملخص على ما أثبته الإمام ابن حزم في كتابه:" جوامع السيرة ".. وعلى السيرة لابن هشام مع بعض التعليقات السريعة:
أول أزواجه ( ﷺ ) خديجة بنت خويلد. تزوجها رسول الله ( ﷺ ) وهو ابن خمس وعشرين سنة وقيل ثلاث وعشرون، وسنها - رضي الله عنها - أربعون أو فوق الأربعين، وماتت - رضي الله عنها - قبل الهجرة بثلاث سنوات، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت. وقد تجاوزت سنه الخمسين.