وأما قوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فإنه موحد فى مذهب الجميع، كما تقول: لا يأتينى إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سياسة للحرب فقد أمر بالمجىء واحداً كان أو أكثر منه، ومثله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، هذا عامٌّ [/ب] وليس بواحد ولا اثنين، وكذلك قوله: ﴿والَّلذانِ يأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهما﴾، وكذلك: ﴿إنّ الإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾، و ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً﴾، فى كثير من القرآن يؤدى معنى الواحد عن الجمع.
وقرأ عاصم والأعمش: "أنْ يُبْدلَهُ" بالتخفيف، وقرأ أهل الحجاز، "أن يبَدِّله" [بالتشديد] وكلٌّ صواب: أبدلت، وبدّلت.
﴿ عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾
وقوله: ﴿سَائِحَاتٍ...﴾.
هنّ الصائمات، قال: ونرى أن الصائم إنما سمّى سائحاً لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد، فكأنه أخذ من ذلك. والله أعلم.
والعرب تقول للفَرس إذا كان قائماً على غير علف: صائم، وذلك أن له قُوتَيْن. قُوتاً غدوة وقوتا عشية ؛ فشبه بتسحر الآدمى وإفطاره.
﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾
وقوله: ﴿قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ...﴾.
علِّموا أهليكم ما يدفعون به المعاصى، علموهم ذلك.


الصفحة التالية
Icon