واعلم أن عسى هنا وفي كلّ موضع من القرآن تفيد التحقيق كما سيأتي في الآية ١٠٣ من سورة التوبة الآتية "وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ" بل مكرمهم بكرامته راجع الآية ١٩٢ من آل عمران المارة، وحين يمشون على الصراط يوم القيامة يكون "نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ" أمامهم "وَبِأَيْمانِهِمْ" من جوانبهم واستغنى بذكر اليمين عن الشّمال اكتفاء به، وإلا فالنور محيط بهم من جميع جوانبهم من الجهات السّت، وإذا رأوا نور المنافقين انطفا، إذ يكون لهم نور كما للمؤمنين بأول الأمر، ثم يسلب منهم زيادة في حسرتهم وأسفهم "يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا" اجعله مصاحبا لنا دائما مثل إخواننا المؤمنين الكاملين الّذين هم مع الأنبياء والشّهداء "وَاغْفِرْ لَنا" ما سلف منا "إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (٨) فيجيب اللّه دعاءهم، ويبقي المنافقين في الظّلمة المستمرة، أجارنا اللّه منها، لأن إيمانهم كان صوريا، فيلقون عقابه من جنسه، إذ يريهم النّور ويدخلهم في الظّلمة كما كانوا يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، راجع الآيتين ١٢ و١٣ من سورة الحديد المارة قال تعالى
"يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ" بالقول فهم مخزيّون في هذه الدّنيا "وَمَأْواهُمْ" في الآخرة "جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (٩) هي لأهلها.
مطلب في المثل الذي ضربه اللّه تعالى لنساء الأنبياء وقصة آسية زوجة فرعون ومريم ابنة عمران :