فصل


قال الفخر :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾
﴿قُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه، وقال مقاتل : أن يؤدب المسلم نفسه وأهله، فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر، وقال في "الكشاف" :﴿قُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ بترك المعاصي وفعل الطاعات، ﴿وَأَهْلِيكُمْ﴾ بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم، وقيل :﴿قُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ مما تدعو إليه أنفسكم إذ الأنفس تأمرهم بالشر وقرىء :﴿وأهلوكم﴾ عطفاً على واو ﴿قُواْ﴾ وحسن العطف للفاصل، و ﴿نَارًا﴾ نوعاً من النار لا يتقد إلا بالناس والحجارة، وعن ابن عباس هي حجارة الكبريت، لأنها أشد الأشياء حراً إذا أوقد عليها، وقرىء :﴿وَقُودُهَا﴾ بالضم، وقوله :﴿عَلَيْهَا ملائكة﴾ يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم ﴿غِلاَظٌ شِدَادٌ﴾ في أجرامهم غلظة وشدة أي جفاء وقوة، أو في أفعالهم جفاء وخشونة، ولا يبعد أن يكونوا بهذه الصفات في خلقهم، أو في أفعالهم بأن يكونوا أشداء على أعداء الله، رحماء على أولياء الله كما قال تعالى :﴿أَشِدَّاء عَلَى الكفار رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] وقوله تعالى :﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ يدل على اشتدادهم لمكان الأمر، لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله تعالى والانتقام من أعدائه، وفيه إشارة إلى أن الملائكة مكلفون في الآخرة بما أمرهم الله تعالى به وبما ينهاهم عنه والعصيان منهم مخالفة للأمر والنهي.


الصفحة التالية
Icon