وقيل غِلاَظ في أخذهم أهل النار شدادٌ عليهم.
يقال : فلان شديد على فلان ؛ أي قَوِي عليه يعذّبه بأنواع العذاب.
وقيل : أراد بالغلاظ ضخامة أجسامهم، وبالشدّة القوّة.
قال ابن عباس : ما بين مَنْكِبَي الواحد منهم مسيرةُ سنة، وقوّة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم.
وذكر ابن وهب قال : وحدّثنا عبد الرحمن بن زيد قال : قال رسول الله ﷺ في خَزَنة جهنم :" ما بين مَنْكِبَي أحدهم كما بين المشرق والمغرب "
قوله تعالى :﴿ لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ ﴾ أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان.
﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ أي في وقته، فلا يؤخرونه ولا يقدّمونه.
وقيل أي لذتهم في امتثال أمر الله ؛ كما أن سرور أهل الجنة في الكون في الجنة ؛ ذكره بعض المعتزلة.
وعندهم أنه يستحيل التكليف غداً.
ولا يخفى معتقد أهل الحق في أن الله يكلّف العبد اليوم وغدا، ولا ينكر التكليف في حق الملائكة.
ولله أن يفعل ما يشاء.
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ اليوم ﴾
فإن عذركم لا ينفع.
وهذا النّهي لتحقيق اليأس.
﴿ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في الدنيا.
ونظيره :﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ الذين ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [ الروم : ٥٧ ].
وقد تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾