ومجاهد ﴿ وَقُودُهَا ﴾ بضم الواو أي ذو وقودها، وتمام الكلام في هذه الآية يعلم مما مر في سورة البقرة ﴿ عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ ﴾ أي أنهم موكولون يلون أمرها وتعذيب أهلها وهم الزبانية التسعة عشر قيل : وأعوانهم ﴿ غِلاَظٌ شِدَادٌ ﴾ غلاظ الأقوال شداد الأفعال، أو غلاظ الخلق شداد الخلق أقوياء على الأفعال الشديدة، أخرج عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" عن أبي عمران الجوني قال : بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكبي أحدهم مسيرة مائة خريف ليس في قلوبهم رحمة إنما خلقوا للعذاب يضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحناً من لدن قرنه إلى قدمه ﴿ لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ ﴾ صفة أخرى لملائكة و﴿ مَا ﴾ في محل النصب على البدل أي لا يعصون ما أمر الله أي أمره تعالى كقوله تعالى :﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى ﴾ [ طه : ٩٣ ] أو على إسقاط الجار أي لا يعصون فيما أمرهم به ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ أي الذي يأمرهم عز وجل به، والجملة الأولى لنفي المعاندة والاستكبار عنهم صلوات الله تعالى عليهم فهي كقوله تعالى :
﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ]، والثانية لإثبات الكياسة لهم ونفي الكسل عنهم فهي كقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ إلى ﴿ لاَ يَفْتُرُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ]، وبعبارة أخرى إن الأولى لبيان القبول باطناً فإن العصيان أصله المنع والإباء، وعصيان الأمر صفة الباطن بالحقيقة لأن الإتيان بالمأمور إنما يعدّ طاعة إذا كان بقصد الامتثال فإذا نفي العصيان عنهم دل على قبولهم وعدم إبائهم باطناً، والثانية لأداء المأمور به من غير تثاقل وتوان على ما يشعر به الاستمرار المستفاد من ﴿ يَفْعَلُونَ ﴾ فلا تكرار، وفي المحصول ﴿ لاَّ يَعْصُونَ ﴾ فيما مضى على أن المضارع لحكاية الحال الماضية ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ في الآتي.


الصفحة التالية
Icon