وقال تعالى :﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا﴾ [ الحديد : ١٠ ] إلى قوله ﴿وكلاًّ وعد الله الحسنى﴾ [ الحديد : ١٠ ] ونساءه ـ رضى الله عنه ـ ن أحق بأن يكن أول راغب في الكون معه في الإيمان ليبعدن عن النيران، وإذا استحضرت قصص الأنبياء من سورة هود عليه الصلاة والسلام اتضح لك حسن هذا الوجه، ويجوز أن يكون " الذين " مبتدأ خبره " نورهم " أو يكون الخبر " معه " إشارة إلى أن جميع الأنبياء وصالحي أممهم من أمته وتحت لوائه، وذلك في غاية ما يكون من الشرف والرفعة له ـ ﷺ ـ والإيمان المقيد بمعيته، أي تأهله لمصاحبة إيمانه ـ ﷺ ـ غير الإيمان المطلق، فلا مانع من أن يدخل غيرهم من المؤمنين النار ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين فلا متمسك للمعتزلة بها في أن مرتكب الكبائر مخلد في النار لأنه داخل النار فهو مخزي، فهو غير موصوف بالإيمان لأن من اتصف بالإيمان لا يخزى بدليل هذه الآية، قال أبو حيان : وفي الحديث :" أنه ـ ﷺ ـ تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه : إن شئت جعلت حسابهم إليك، فقال : يا رب! أنت أرحم بهم مني، فقال تعالى : إذاً لا أخزيك فيهم ".
ولما نفى عنهم الخزي، فسره بقوله مقدماً للنور لأن السياق لتعظيم النبي ـ ﷺ ـ بخلاف ما مضى في الحديد :﴿نورهم يسعى﴾ أي سعياً مستمر التجدد، وعلى التفسير الآخر تكون هذه الجملة حالية، ويجوز أن تكون خبراً ل " الذين " إذا جعلناه مبتدأ ﴿بين أيديهم﴾ وحذف الجار إشارة إلى أنه ملأ تلك الجهة ﴿و﴾ كذا ﴿بأيمانهم﴾ وأما ما يلي شمائلهم فإنهم لا يلتفتون إليه لأنهم إما من السابقين وإما من أهل اليمين، فهم يمشون فيما بين الجهتين ويؤتون صحائف أعمالهم منهما، وأما أهل الشمال فيعطونها من وراء ظهورهم ومن شمائلهم وهم بما لهم من النر إن قالوا سمع لهم وإن شفعوا شفعوا.